عيون مغلقة على اتساعها- 3
بقلم: عصام خوري
06/12/2003
“العالم قرية صغيرة” شعار أخذ يردده رجال السياسة والاقتصاد ووسائل الإعلام لتميز عصرنا الحديث. لكن العالم وفق منظور الفقراء والمطحونين في رحى الاقتصاد العالمي الجديد، لا يحمل سوى اسم “قرية الفقراء الكبيرة”.
منظمة “عمال بلا أرض “S.M.T تحكي قصة فقراء فلاحي جنوب البرازيل.
في واقع إحصائياته من الأراضي الزراعية 46% لحوالي 1% من الملاك الأغنياء، و20% موزعة لحوالي 90% من الفلاحين الفقراء، كما هناك حوالي 100هكتار تقريباً من الأراضي المملوكة للشركات العابرة للقوميات .
هذا الواقع دفع بحوالي خمسة ملايين فرد للهجرة نحو المدن خلال العشرين سنة الماضية، وذلك ضمن شروط سكن غير منظمة، وعمل غير كافي مما أدى لتزايد الفقر والبطالة.
وإزاء هذا الوضع ظهرت في ثمانينيات القرن العشرين في جنوب البرازيل حركة فلاحية تهدف إلى النضال من أجل توزيع الأراضي بشكل ذاتي. وتتبع الحركة أسلوباً شديد الفاعلية حيث تقوم بوضع اليد على الأراضي التي لا يحسن استغلالها والمملوكة للشركات وكبار الملاك. وتقوم الحركة بعد كل احتلال بمطالبة الحكومة بتطبيق دستور 1988 الذي ينص على السماح بنزع ملكية الأراضي المحتلة بوضع اليد، وعندما يتم نزع ملكية الأرض تتحول إلى مستوطنة متكاملة تضم البيوت والحضانات والمدارس والعيادات الطبية ودور العبادة… وتدار هذه المدن الزراعية من قبل الفلاحين، حيث يقسمون أنفسهم إلى فرق مختلفة مسئولة عن بناء الأكواخ، والتموين، والرياضة، والترفيه…
كما تعمل الحركة على تعليم الفلاحين القراءة، والكتابة، وتنمية وعيهم السياسي من خلال مفاهيم الإصلاح الزراعي، والعدالة الاجتماعية، وحقوق الإنسان.
وقد فتحت الحركة حوالي 2000مدرسة تضم 70000تلميذ و2000مدرس، ويكون نظام المدرسة متلائم مع السنة الزراعية، كي لا يحصل تسرب من التعليم.
وهذه الحركة فقدت منذ تأسيسها حوالي 1170شخص، ما بين فلاح ومحام وقس، تم اغتيالهم على أيدي ملاك الأراضي وأعوانهم، ولم يسجن سوى 16 من الجناة.
ويقول المنسق القومي للحركة “جواو بيدو”:
” إن معركتنا ليست فقط للحصول على أرض… إننا ننشئ وسيلة جديدة للحياة اجتماعياً وثقافياً وسياسياً. الأرض هي فقط المعبر الذي نصل منه إلى هذا المجتمع الجديد وكل احتلال هو فرصة لبداية بناء مستقبلنا” .
حركة”S.M.T” شاركت الفلاحين همومهم ومآسيهم، حاملة بصيغ منظمة وفاعلة مشروع إنسانية نظيفة من الداخل البرازيلي… علها تكون قدوة لجميع الشعوب المقهورة، وتخبر أن الإنسان قادر وبنفسه مارد جبار لكنه يحتاج التنظيم.
أترانا ننظم بيتنا الداخلي أم… ننتظر مارداً جباراً.
عيوننا واسعة، لكن أرادوها أن تغلق.