المنتدى الاجتماعي العالمي الثالث
بقلم: عصام خوري
أخبار الشرق – 15 شباط 2003
بعد أن بلغت تعداد الطلبات لحضور المنتدى الاجتماعي العالمي 129 ألف طلب، توضح أن العدد الحقيقي بلغ فعلياً أقل من ذلك رغم تجاوزه المائة ألف مشارك منتمين إلى أكثر من 153 دولة، ممثلة من شخص واحد لدولة إلى 11 ألف شخص من البرازيل، وتجاوز عدد المشاركين من الولايات المتحدة الأمريكية الألف شخص. هذا بالإضافة إلى حضور عدد من البرازيليين غير المنظمين، خاصة بعد خطاب الرئيس البرازيلي ذي الشعبية الواسعة لويز ايناسيو لولا دا سيلفا.
الشعارات والأعلام الحمراء، وصور تشي غيفارا، وكتب ماركس وانجلز، وصور الرئيس العمالي لولا .. جميعها شاركت الكوفية الفلسطينية والأعلام الفلسطينية ألمها.
الحقيقة الشعب البرازيلي هذا العام أخجلنا، وأبكانا، فالكراسات المدرسية حملت شعارات الانتفاضة والحجارة، والملابس حملت علمي فلسطين والبرازيل كنوع من تشارك المصير. كثيرون من البرازيليين شاركونا حمل أعلام فلسطين، وتحدوا معنا تجمعاً للإسرائيليين أمام إحدى المحاضرات التي تتحدث عن القضية الفلسطينية في الصالة 2 من المبنى الرئيسي لجامعة puc. كانوا أكثر من أصدقاء .. بل كانوا أخوة نضال من وراء البحار.
هذا بالإضافة إلى المسيرات من أجل السلام العالمي، ومنع الحرب على العراق، وتمثل الوفد العراقي بثمانية أشخاص قالوا إنهم من مؤسسات مجتمع مدني في العراق .. المهم أنهم حملوا علم بلادهم وليس صور الحاكم، وهذا شيء أفرحنا كعرب نعشق الشعب والأرض العراقية.
واعتمد حوالي 500 من البرلمانيين اليساريين قراراً ختامياً يؤكد “ضرورة تجنب الحرب في العراق” و”إنهاء احتلال الأراضي الفلسطينية”. وقال النص الذي نشر في اليوم الثاني من المنتدى الذي يشكل رمزاً للمعارضة الدولية للعولمة الليبرالية أن “الشبكة البرلمانية الدولية” ستحشد قواها خلال العام الجاري “ضد الحرب، على الصعيد التشريعي أو عبر علاقاتها مع الحركات الاجتماعية”، مؤكداً أن “الأمر بات ملحاً”.
ودعا القرار برلمانيي الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي إلى “مطالبة” حكوماتهم بمعارضة “الحرب بقوة” و”رفض مفهوم الحرب الوقائية” و”اللجوء إلى حقها في النقض (الفيتو)”. وأكد البرلمانيون أن “أي هجوم (ضد العراق) يجرد الأمم المتحدة من المصداقية التي تحتاج إليها في مواجهة هذه المهمة، والمفتشون يجب أن يستفيدوا من كل الوقت اللازم لمهمتهم”.
وتابع القرار “نعارض النظام العالمي الجديد الذي تريد واشنطن فرضه ومبدأ (الحرب الوقائية) الذي تعتمده”. وأضاف إن الشبكة البرلمانية الدولية “ستعمل بالتشاور مع الحركة المعارضة للحرب التي بدأت تتجلى في العالم وخصوصا في التعبئة المقرر في 15 شباط” 2003.
من جهة أخرى، تبنت الشبكة البرلمانية الدولية اقتراحاً بإرسال “وفود برلمانية متتالية إلى العراق في الأسابيع المقبلة على أساس المعارضة الشديدة للحرب والتضامن مع الشعب العراقي ضحية دكتاتورية صدام حسين والحظر الاقتصادي”. كما ستطلب “استقبالها في مجلس الأمن الدولي، وستلتقي في هذه المناسبة أعضاء الكونغرس الأمريكي والحركة الأمريكية المعارضة للحرب لإبلاغها بدعمها”.
وأخيراً اقترحت الشبكة البرلمانية الدولية “تأمين وجود في فلسطين لحماية المدنيين” وعبرت عن “دعمها لكل القوى والحركات التي تعمل في إسرائيل والشرق الأوسط من اجل سلام عادل ودائم”.
كما حضر الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز وترأس ندوة عن “التضامن البوليفاري” أو الفنزويلي، ذلك أن شافيز يعمد إلى السير على درب زعيم الاستقلال الأسطوري في أمريكا الجنوبية سيمون بوليفار. ولا شك أن شافيز في زيارته الثانية للبرازيل لا يطمح فقط إلى تفعيل علاقته مع الحكومة اليسارية الجديدة في البرازيل، بل إنه وجد في بورتو ألغري منبراً ليطرح قضيته أمام مختلف الجنسيات، في ظل الإضرابات الواسعة ضد حكمه.
المحاضرات والندوات وورش العمل عانت من سوء التخطيط والتنظيم، لكنها قدمت مشروعاً حضارياً وإنسانياً، يقوم على التشبيك الدولي للمنظمات المدنية لتتشارك قضاياها وتقف أمام الليبرالية الجديدة، وتكون عائقاً حقيقياً أمام قهر الشعوب في ظل هيمنة المادة.